responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير للشوكاني المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 599
وَخَلِيلٌ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، كَالْعَلِيمِ بِمَعْنَى الْعَالِمِ، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، كَالْحَبِيبِ بِمَعْنَى الْمَحْبُوبِ، وَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَحْبُوبًا لِلَّهِ وَمُحِبًّا لَهُ وَقِيلَ: الْخَلِيلُ مِنَ الِاخْتِصَاصِ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ اخْتَصَّ إِبْرَاهِيمَ بِرِسَالَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاخْتَارَهُ لَهَا، وَاخْتَارَ هَذَا النَّحَّاسُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى الْخَلِيلِ: الَّذِي لَيْسَ فِي مَحَبَّتِهِ خَلَلٌ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا لِطَاعَتِهِ، لَا لِحَاجَتِهِ، وَلَا لِلتَّكَثُّرِ بِهِ وَالِاعْتِضَادِ بِمُخَالَلَتِهِ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَعْنَى الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، أَيْ: أَحَاطَ عِلْمُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها [1] .
وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
قَالَتِ الْعَرَبُ: لَا نُبْعَثُ وَلَا نُحَاسَبُ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى [2] وَقَالُوا: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً [3] فَأَنْزَلَ اللَّهُ: لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: احْتَجَّ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَحْنُ أَهْدَى مِنْكُمْ، وَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: نَحْنُ أَهْدَى مِنْكُمْ، فَنَزَلَتْ، فَفَلَجَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: تَفَاخَرَ النَّصَارَى وَأَهْلُ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ هَؤُلَاءِ:
نَحْنُ أَفْضَلُ مِنْكُمْ، وَقَالَ هَؤُلَاءِ: نَحْنُ أَفْضَلُ مِنْكُمْ، فَنَزَلَتْ. وَقَدْ وَرَدَ مَعْنَى هَذِهِ الرِّوَايَاتِ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ مُخْتَصَرَةٍ وَمُطَوَّلَةٍ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: «أَمَّا أَنْتَ وَأَصْحَابَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَتُجْزَوْنَ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ لَيْسَ لَكُمْ ذُنُوبٌ، وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَيُجْمَعُ لَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يُجْزُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ: أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا سَقَمٍ وَلَا حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ» . وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَقِيَهُ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ قَالَ: الْفَرَائِضُ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ عَنْ جُنْدَبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَتَوَفَّى:
«إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا» . وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
أَتَعْجَبُونَ أَنْ تَكُونَ الْخُلَّةُ لِإِبْرَاهِيمَ وَالْكَلَامُ لِمُوسَى والرؤية لمحمد صلّى الله عليه وسلم؟

[سورة النساء (4) : آية 127]
وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً (127)
سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ: سُؤَالُ قَوْمٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ أَمْرِ النِّسَاءِ وَأَحْكَامِهِنَّ فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ لَهُمُ: اللَّهُ يُفْتِيكُمْ أَيْ: يُبَيِّنُ لَكُمْ حُكْمَ مَا سَأَلْتُمْ عَنْهُ، وَهَذِهِ الآية رجوع إلى ما

[1] الكهف: 49.
[2] البقرة: 111. [.....]
[3] البقرة: 80.
اسم الکتاب : فتح القدير للشوكاني المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 599
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست